الرقية الشرعية

بواسطة: كُتاب بيت العز - آخر تحديث: 20 أغسطس 2024
الرقية الشرعية

الرقية الشرعية هي علاج المس والسحر، ولقد عالج صلى الله عليه وسلم كثيراً من الحالات وتبعه الصحابة الكرام – رضي الله عنهم – في ذلك، والأئمة الأعلام من بعدهم رحمهم الله رحمة واسعة..
ولما اختلف المعالجون إلى طرق وأساليب يتوقف عندها المسلم كثيراً لما تحويه من بدع وافتراءات، وبعضها ضرب من ضروب الخرافات والدجل، واندس بينهم بعض المفسدين والمدعين الجاهلين، فخالط طالحهم صالحهم لبّسوا على الناس، وأحدثوا في الرقية ما لا ينبغي، ولقد قال صلى الله عليه وسلم:
((سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنة ويعملون بالبدع))
[رواه الطبراني في الكبير عن عبد الله بن مسعود]
ضوابط الرقية الشرعية :
نختصرها فيما يلي:
1 ـ ألا تكون رقية شركية :
حيث قال صلى الله عليه وسلم:
((اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك))
[مسلم عن عوف بن مالك]
2 ـ ألا تكون رقية سحرية :
حيث بيّن جلَّ وعلا أن الساحر لا يفلح أبداً، فقال سبحانه:
﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾
[ سورة طه: 69 ]
3 ـ ألا تكون الرقية من عرّاف أو كاهن ولو لم تكن سحرية :
بل يجب أن تكون من ذوي العلم وأهل التقوى والصلاح، ولو كانوا من غير أهل العلم، حيث قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ ﴾
[ سورة المائدة: 27 ]
وفي إتيان الكهنة والعرافين تعارض مع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم:
((من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ))
[أخرجه أبو داود عن أبي هريرة]
4 ـ أن تكون الرقية بعبارات و معان مفهومة :
لابد من أن تكون الرقية بعبارات ومعان مفهومة، فإن لم يعقل معناها ولم يفهم محتواها لم يؤمن خلوها من الشرك والكفر المبطن، وقال ابن حجر رحمه الله: “أجمع العلماء على جواز الرقية عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي، أو بما يعرف معناه من غيره، ويعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بأمر الله عز وجل”.
5 ـ ألا تكون الرقية بهيئة محرمة :
كأن يتعمد الراقي-حال الرقية- أن يكون جنباً، أو في مقبرة، أو في حمام، أو حال كتابته للطلاسم، أو حال نظره في النجوم، أو يتلطخ بالدماء، أو النجاسات وغيرها من الأحوال السيئة.
6 ـ ألا تكون الرقية بعبارات محرمة :
ألا تكون الرقية بعبارات محرمة كالسب أو اللعن، لأن الله لم يجعل الدواء والشفاء في المحرم.
7 ـ ألا يُعتقد أن الرقية وحدها تستقل بالشفاء :
ألا يعتقد الراقي والمرقي بأن الرقية وحدها تستقل بالشفاء، أو دفع المكروه، بل رحمة الله وتوفيقه، وإخلاص العبد، وصدق التعامل مع الكتاب والسنة.
أقسام الرقي :
الرقية.. سلاح لقوة التأثير أو ضعفه وفق درجة الإخلاص والاعتقاد، وهي على قسمين:
أ – توقيفية :
وهي التي أتت بألفاظ معينة، وأعداد معينة ومعلومة، وأوقات وهيئات محددة، ولا يجوز تبديلها أو تعديلها بحال من الأحوال، لأنها من الشرع الحكيم.
ب – اجتهادية بالضوابط :
لا يجوز إطلاق العنان للرقية، ودليله -أثبتت التجارب- فلابد من عرضها على العلماء الأجلاء حتى يعطوا الموافقة والجواز ، أو الحرمة والابتعاد والتوقف ليقطعوا دابر المشتبهات ومداخل الشيطان.
الفتن التي تصيب الراقي :
هناك ثلاث فتن تصيب الراقي:
فتنة المال، حيث يكثر المال عنده من جيوب هؤلاء المساكين..
وفتنة النساء، حيث قد يختلي بهن ويراهن في أوضاع سيئة..
وفتنة الشهرة من خلال حديث المغرر بهم، أو عبر اللقاءات الإعلامية، وحديث الناس..
نسأل الله النجاة منها.
التجاوزات :
هناك مخالفات وتجاوزات وبدع يقترفها بعضهم، أهمها:
أولاً ـ الاستعانة بالجن :
مما ابتلي به هؤلاء أن يقول أحدهم: معي جني أسلم، وأستعين به على كشف ما بكم، أو يساهم في تشخيصكم، ولا يفعل ذلك إلا مخرف ونصّاب ومقترف كبيرة كما قال تعالى:
﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾
[سورة الجن:60]
ولم يثبت أن جنياً خرج بعد تلبسه، أو أنه تاب، أو يجوز استخدامه، فإن ذلك كله من مداخل الشيطان وتلبيس إبليس، ومن البديهيات المسلّم بها أن الجن من عالم يرانا ولا نراه، والغالب عليه الكذب، فإنه معتد ظلوم غشوم مجهولة عدالته، فما القياس الذي نحكم به على أن هذا الجني مسلم وهذا منافق أو كافر؟! لذا فالاستعانة بالجن المسلم كما يدعي بعض الناس في العلاج لا تجوز. -مجموع الفتاوى-
ثانياً ـ العلاج بالكي :
بعضهم يلجأ في علاجه إلى استخدام النار بحجة إخراج الجان من بدن المصروع، ويترك حروقاً كثيرة تشوه الخلقة في الأيدي والبطون والأرجل، وتسبب لهم حالات نفسية وعصبية، وهذا الفعل محرم لحديث:
((إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا ربها))
[أبو داود عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه]
ولقد حرم العلماء التعامل بالكي بوصفه علاجاً بما نصه: “إنه يحرم إحراقها بالنار مطلقاً، لأن النار لا يعذب بها إلا الله، ولو كان العلاج بالكي في مثل هذه الحالات نافعاً، لدلنا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه وهو الرحيم بالأمة”.
ثالثاً ـ الإفراط في ضرب المصروع :
الإفراط في ضرب المصروع، واستخدام الخنق، والصعق بالكهرباء، أو بواسطة الضغط براحة القدم لعلاج المصروع، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب المصروع إما بضربة من يده، وإما أن يضربه بمجمع ثوبه، ولم يثبت عنه غير هذا..
قال الشيخ محمد صفوت نور الدين – رحمه الله تعالى – رئيس أنصار السنة في مصر سابقاً: “إن ما يفعله كثير من الناس من ضرب وخنق وكي وإسراف في استخدام ذلك، فإنهم بهذا يخرجون عن الشرع الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولو كان الضرب هو المؤثر لكان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بجلد المصروع، ولا يحتاج لرقيته، وخطر ذلك كبير، إضافة إلى عدم جوازه، فقد يموت بسبب نوبات الصرع، أو توقف عمل القلب، أو يحدث خلل في ضخ الدم، وقد يؤدي إلى شلل في الأعضاء الخارجية، إضافة إلى إهانة لآدمية الإنسان الذي كرمه الله تعالى”.
رابعاً ـ جلد الذئب :
وهذا شر عظيم يقترفه بعض الدجالين والمشعوذين من مدّعي الرقية، حيث يحرق جزءاً من جلد الذئب ليشمه المريض، أو يكتب عليه بعض الطلاسم أو الآيات بحجة حمله للتحرز والحفظ من أذى الجن، لأن الجن يخشى الذئب! فلماذا لا يستخدم الحمار، لاسيما أن الحمار جاء فيه حديث أن الحمار إذا نهق رأى شيطاناً!!
ولقد أجابت اللجنة الدائمة على هذا العمل: “إن استعمال الراقي لجلد الذئب ليشمه المصاب حتى يعرف أنه مصاب بالجنون، عمل لا يجوز، لأنه نوع من الشعوذة والاعتقاد الفاسد، فيجب منعه بتاتاً “..
وقولهم: “إن الجن يخاف من الذئب خرافة لا أصل لها”.
خامساً ـ التبخير بالشبة والأعشاب :
وذلك بهدف طرد الجان والأمراض والأرواح الشريرة وفق معتقدات الجاهلية وخلطات أخرى – زبالة العطار وكناسة المولد وشعيره وغيرها من الخزعبلات – والتي يعتقدون أنها حصن من أذى الحسد والسحر والجان وغيرها من الأعشاب التي تحمل روائح كريهة، كالحلتيت وعين الجان وهي عشبة كالخرزة الدائرية لونها أسود وأحمر ورائحتها عند الاشتعال كالجيفة.
ولقد أجابت اللجنة الدائمة على هذا الصنيع: “لا يجوز علاج الإصابة بالعين بالتبخر بالشبة أو الأعشاب والأوراق المذكورة، لأنها ليست من الأسباب العادية، وقد يكون المقصود بهذا التبخر استرضاء للجن والشياطين والاستعانة بهم على الشفاء، وإنما يعالج ذلك بالرقية الشرعية ونحوها، مما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة “.
سادساً ـ كتابة بعض آيات من القرآن على جسد المريض بحجة علاجه بها:
ويكون ذلك على يد المبتلى بالمرض أو رجله أو صدره وغيرها من الأماكن، وهذا مخالف لصريح الأدلة لما فيه من إهانة آيات الله، وإذا كانت النجاسة تدرك هذه الآيات فذلك كفر والعياذ بالله.
ولقد صح عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قوله:
(( إنما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى))
[صحيح رواه أحمد والبزار عن أبي برزة]
سابعاً ـ بدعة حرق آيات من القرآن أمام أنف المصاب :
بعض المعالجين يكتب آيات على قطعة من القماش ويحرقها، ثم يقربها من أنف المصاب بحجة استقصاء الجن وحرقه وتعذيبه، وأن هذه الرائحة ستحرقه وتقتله أو تخنقه، ومنهم من يضعها في المسك ويحرقها وغيرها من التصرفات، وهذا إثمه عظيم ومبين، فلا يجوز التداوي والعمل به لما فيه من إهانة لكتاب الله، ومخالفة للعلاج المشروع منذ خير القرون ومن تبعه بإحسان.
ثامناً ـ كتابة الطلاسم الشركية والرموز الشيطانية :
عندما يسألهم المريض يقول الراقي: هذه أسماء الملوك العظماء من الجن، وهذا ما يخيف الجن ويخرجه فوراً ويكتبوها باللغة السريانية.. قال ابن تيمية – رحمه الله: “ولا يشرع الرقي بما لا يعرف معناه، لاسيما إن كان فيه شرك، فإن ذلك محرم وعامة ما يقوله أهل العزائم فيه شرك”.
تاسعاً ـ استخدام حرز وخرز العصور السليمانية السبعة المفتراة :
استخدام حرز وخرز العصور السليمانية السبعة المفتراة، وتذويب الرصاص على رؤوس الأطفال لإزالة الخوف وغيرها من الإدعاءات، فهذا باطل وافتراء على سليمان – عليه السلام – وافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم .
عاشراً ـ طريقة الإغماء حتى يتكلم من في المحسوس :
لاشك أن هذا لا يجوز، ويسبب ضرراً كبيراً على المريض؛ وفي الحديث:
(( دع ما يَريبك إلى ما لا يريبك ))
[الترمذي عن الحسن بن علي]
ويقول د. حلمي عبد الحافظ داود: إن الخنق يؤدي إلى ما يلي:
– إغلاق مجاري الهواء العليا عن طريق الضغط على الحنجرة، ويؤدي إلى انقطاع مفاجئ في كمية الهواء المتدفقة إلى الرئتين، وبالتالي عدم أكسدة الدم وانخفاض كمية الأكسجين الموجودة في الهيموغلوبين، وبالتالي نقص الأكسجين المتدفق على الدماغ، وتلف خلايا الدماغ، وقد يحدث للمريض جلطة في المخ تؤدي إلى شلل نصفي كامل.
وهذه الطريقة لم ترد في الكتاب ولا في السنة المطهرة، والإسلام يأمرنا باجتناب كل ما هو ضرر وخطر على جسم المرضى.
الحادي عشر ـ بدعة القراءة على كل شيء :
كالقراءة على خزان الماء فوق المنزل، وعلى المكياج، وعلى طعام المنزل كل يوم.
لاشك أن القراءة على قارورة الماء والزيت بعد فتحهما، وقراءة أوراد مخصوصة وثابتة، والنفث فيها من الأمور الجائزة، ولكن وصل الحد إلى القراءة على كل شيء..
قال أحد العلماء: “لا صحة لهذا العمل، ولا يقر على مثل هذا العمل، ولا تفيد هذه الرقية عادة إلا أن تكون قليلة، كالإناء .. يقرأ الآية ثم ينفث فيه.. والغالب أن من يفعل ذلك يقصد كسب المال، والاحتيال على تحصيله بصورة ظاهرها الصلاح أو الخير، وباطنها أسود كسواد الليل وهو محرم عليهم”. الفتاوى الذهبي
الثاني عشر ـ الذهاب إلى السحرة والدجالين :
هناك من الرقاة من إذا فشل رخص للآخرين بالذهاب إلى السحرة وأشباههم، وهذا فيه ترسيخ لقواعد الفساد وهدم أركان الرقية، ويسهم في دعم الحرب على التوحيد، والحديث صريح في هذا الجانب:
((من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد))
[أخرجه أحمد والحاكم عن أبي هريرة]
وأجاب العلماء الأفاضل نفع الله بهم: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالمحرم، فقال صلى الله عليه وسلم:
((تداووا ولا تداووا بحرام))
[أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أبي الدرداء]
الثالث عشر ـ الخلوة بالنساء وكشف موضع الرقية :
كان الصالحون يخافون على أنفسهم من فتنة النساء رغم رسوخ أقدامهم، وكبر سنهم، وذهاب أبصارهم، والرقاة والمعالجون في هذا الزمان – إلا من رحم الله – لا يتحرج أحدهم من الانفراد بالمرأة الأجنبية بغير محرم، ويتعللون بتعللات فاسدة ويتناسون حديث:
((أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ))
[ سنن الترمذي عن ابن عمر]
قال ابن القيم – رحمه الله-: “ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة”.
الرابع عشر ـ إطفاء الإضاءة ثم إغلاق العين ومد الخيال :
إطفاء الإضاءة، ثم إغلاق العين ومد الخيال إلى رؤية أشخاص، واتهامهم أنهم وراء سحرها، أو إلحاق الأذى بها.
من الأمور المؤسفة التي تحدث أن يأمر الراقي بإطفاء الإضاءة، ثم شم بعض الطيب، ثم يأمر المريضة أن تغلق عينيها، وتطلق العنان لما تراه حتى إذا اقتربت رؤيتها يسألها من رأيت؟ فتقول: فلان أو فلانة، ثم يقول: هي التي ألحقت الأذى بك، ثم تنتشر العداوة، والبغضاء، والكراهية، وقطع الأرحام، بسبب كذب الجان أو التخيلات أو الوهم.. وهل هذا أساس يبنى عليه؟ وهذا لا يحدث إلا عندما يتصل الراقي بالجان – والعياذ بالله.
الخامس عشر ـ بدعة ربط أطراف اليد أو الرجل :
وذلك تحت ذريعة حبس الجن في جسد المريض..والمتأمل يجد أن الله سبحانه وتعالى أعطى الجن خاصية بحيث يجري في الدم ويكون قريناً مع الإنسان، وله أماكن وأوقات، ولم ينقل أن الشيطان له القدرة على تفجير رأس العباد، أو بطونهم، أو رؤوسهم، أو الخروج من العين، ولكن الإنسان محفوظ، والله سبحانه جعل الملائكة يحفظونه بأمره، وهذه مزاعم ومخاوف ليست في محلها، ولكنها تخرصات الجن وأوهامهم..
قال أحد العلماء: هذا الادعاء غير صحيح، فالله سبحانه وتعالى أعطى الجن القدرة على الدخول والخروج عند غفلة الإنسان وضعف إيمانه، أما أن يلحق الأذى المادي بالإنسان فهذا يخالف قوله تعالى:
﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ*إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ ﴾
[ سورة النحل: 99-100]
السادس عشر ـ تحديد أعداد لقراءة سور وأحاديث لم يأت النص صراحة على ذلك:
تحديد أعداد لقراءة آيات وسور وأحاديث عديدة أو قراءة سورة بعينها لم يأت النص صراحة على ذلك، وهناك نصوص واضحة تدل على قراءة بعض الآيات والسور أو الأحاديث في عدد معين، مثل الفاتحة -7 مرات-، والمعوذات -3 مرات-، وقراءة آية الكرسي، وآخر آيتين من البقرة -مرة واحدة-، وأحاديث مثل -بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء- -3 مرات- وهكذا..
فبعض العيادات توزع نشرات.. قراءة الفاتحة -4 مرات- وغيرها من الآيات والسور التي لم يأتِ نص عمّن سبقونا منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم خير القرون – رضي الله عنهم جميعاً-.
السابع عشر ـ إشاعة أمور تحذيرية وجانبها الصواب :
كأن يقول: لا تسخن الزيت! طيب.. إذا كان الجو بارداً ماذا يفعل المريض؟ وما الحرج في ذلك؟
وقولهم: لا تغتسل في الحمام واغتسل في المطبخ، وضع -طشت تحتك- لأنه ماء مقروء عليه! ولا دليل على تحذيراتهم تلك.. وماء زمزم نهايته إلى المجاري، بل حتى هذا الماء يجتمع من مجاري المطبخ إلى مجاري الحمامات!!
وكذا قولهم: لا تغتسل بالماء والصابون، وشَغّل القرآن وأنت تغتسل!
كل ذلك من الأوهام التي لم ينزل الله بها من سلطان.
الثامن عشر ـ القراءة الجماعية وآثارها السلبية :
الأصل في الراقي أنه يسمع من المبتلي أو أهله ثم يشخص الحالة، ويقرأ الأوراد الصحيحة في هذا الباب، أما فتح مكبرات الصوت، ثم النفث على الجميع، فهذا مخالف من وجوه عدة منها:
عدم استخدامها من قبل في زمن السلف الصالح – رضي الله عنهم جميعاً – ثم اختلاط السليم مع المريض، والمريض العضوي مع النفسي، وربما تعرض السليم لما أصاب غيره ممن حوله من ذوي الإيذاءات والابتلاءات الشيطانية، وردود الأفعال من هلع وصراخ وضحك وبكاء وفوضى يعيشها الناس في المكان بين هرج ومرج لا يليق بمجالس ذكر الله تعالى، ويتحول المكان من مكان آمن يتلى فيه القرآن والحديث، إلى مكان رعب وخوف وارتباك..
ثم فضح المريض وهتك أسراره ويصبح حديث الناس، وربما تنكشف عورته أو عورتها أمام الآخرين!!
ولو قارنا بين ثمار النفع ونسبة الضرر لوجدنا أن القراءة الجماعية ليست فيها نسبة تذكر، بينما الرقية الشرعية الفردية أنفع وأضبط وأقرب للشرع منها إلى الفوضى التي تعم.
التاسع عشر ـ استخدام قاعدة الضرورات تبيح المحظورات :
التاسع عشر تحت مسمى القاعدة الشرعية -الضرورات تبيح المحظورات- توسعت بعض العيادات في كل محرم يرتكب، وكل معصية تقترف، وكل ستر يفضح، وكل محظور ينتهك، تحت هذه القاعدة، وللأسف فإن بعض الرقاة يطلق لنفسه العنان والتبرير حتى أصبح ضعيف النفس مستغلاً وضعه وسمعته بل أصبح يستحل المحرمات، واللبيب بالإشارة يفهم ما نعنيه لخطورة الوضع السيئ دون رقابة تذكر – عياذاً بالله -..
العشرون ـ الاستغلال المادي لوضع المرضى :
الذي يدخل إلى المشعوذ يدفع مبلغاً كبيراً، ثم يبيعه الماء، ويبيعه الزيت، ويبيعه العسل، ويبيعه الأعشاب بأعلى درجات الاستغلال ..
وهناك مواعيد خارجية يتقاضون عليها أضعافاً مضاعفة، أسعار القراءة على خزان السطوح، وموائد الطعام، والرش في زوايا البيت، وفرق تفتيش في المنزل للبحث عن السحر وغيرها أمور لا تحمد عقباها!!
الهدف الإصلاح.
الهدف من الموضوع السابق الإصلاح والنقد الذاتي :
طرحنا هذا الموضوع بهدف الإصلاح والنقد الذاتي حتى نضع الأمور في نصابها الصحيح، ولابد من دخول لجنة مشتركة من الصحة والأوقاف والشؤون والداخلية لمراقبة البلاد والعباد، ووضع ضوابط للرقية المشروعة، حتى لا تستغل من قبل ضعاف النفوس، وأهل الأهواء، والسحرة، والمشعوذين، فكما قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: ” الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة”.
ولنضع حداً لهذه الطقوس والبدع والضلالات التي تجري باسم الدين، ومعظمها تحت مسمى التجربة والاجتهاد، وهي غير قائمة على الاجتهاد الشرعي، أو لا تؤصل بالقواعد، والأسس الشرعية السليمة، وللأسف أنهم رفعوا شعار الدين والالتزام، ومعظمهم كانت بداياتهم صحيحة، ومع الاستمرار دخلت هذه التجاوزات، لأن الرقابة قلت، والثقة زادت، والشهرة حصلت، وقال صلى الله عليه وسلم:
(( فعليكم بسنّتي وسنّةِ الخلفَاءِ الراشِدينَ المهديِّينَ، تمسكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجِذِ، وإياكم ومُحدثاتِ الأمورِ، فإنَّ كلَّ مُحدثَةٍ بدْعةٌ، وكل بدْعَةٍ ضَلاَلَة))
[ أخرجه أبو داود والترمذي عن العرباض بن سارية ]
والله أسأل أن يصلح الأحوال ويجنبنا مكائد الشيطان وجنوده.

2609 مشاهدة